مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
يُعد الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي محورين أساسيين في ميدان علم النفس التربوي، لما لهما من تأثير متبادل وحاسم في تحديد جودة أداء المتعلمين ونجاحهم الأكاديمي. في هذا السياق، تهدف دراستنا إلى تحليل العلاقة بين مستوى الذكاء الانفعالي لدى تلاميذ السنة السادسة من التعليم الابتدائي، وبين تحصيلهم الدراسي والاختلالات السلوكية أو التوافقية داخل البيئة المدرسية. تتجلى أهمية هذا الموضوع بالنظر إلى دور المدرسة في تنمية القدرات غير المعرفية التي تساهم في تحقيق النجاح الشامل، وفي مواجهة الضغوط والتحديات اليومية. استند البناء النظري للدراسة إلى مراجعة معمقة للأدبيات المحلية والدولية ذات الصلة، مرتكزاً على النماذج النظرية الرائدة في الذكاء الانفعالي مثل نموذج القدرات والنموذج المختلط. تم اختبار فرضيات الدراسة من خلال أداة ميدانية متمثلة في استمارة مستمدة من مقياس بار-أون على عينة قوامها 160 تلميذاً وتلميذة. جرى تحليل البيانات المستخلصة باستخدام أساليب إحصائية متعددة شملت تحليل الارتباط والانحدار الخطي وبعض التقنيات التحليلية المقارنة. أسفرت النتائج عن وجود علاقة ارتباطية إيجابية ودالة إحصائياً بين مستوى الذكاء الانفعالي والتحصيل الدراسي، بالإضافة إلى فروق مهمة لصالح ذوي المستويات المرتفعة من الذكاء الانفعالي، مع رصد تأثيرات نوعية لمتغير الجنس. تشير هذه النتائج إلى أن الذكاء الانفعالي لا يرفع فقط من جودة الأداء الأكاديمي، بل يساهم أيضاً في تعزيز التوافق النفسي والاجتماعي وتقليص مظاهر السلوك غير التكيفي داخل البيئة المدرسية. وبناءً على ذلك، توصي الدراسة بضرورة إدماج الذكاء الانفعالي في المناهج التربوية وبرامج دعم المعلمين، إلى جانب التركيز على الأسر لدعم نمو الذكاء الانفعالي لدى الأطفال، ما ينعكس إيجاباً على جودة التعلمات ونجاح الإصلاحات التربوية. ورغم أهمية المعطيات المستخلصة، تفتح الدراسة المجال أمام أبحاث مستقبلية أوسع تعمق الفهم حول المتغيرات الوسيطة الأخرى ذات الصلة.